كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



72- ثم قال جل وعز: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك هي الرؤيا التي رآها ليلة أسرى به وزاد عكرمة هي رؤيا يقظة قال سعيد بن المسيب إلا فتنة للناس أي إلا بلاء للناس.
73- ثم قال جل وعز: {والشجرة المعلونة} ثنا في القرآن قال سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك هي شجرة الزقوم وقال غيرهم إنما فتن الناس بالرؤيا وشجرة الزقوم أن جماعة ارتدوا وقالوا كيف يسرى به إلى بيت المقدس في ليلة واحدة وقالوا لما أنزل الله إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كيف تكون في النار شجرة ولا تأكلها فكان ذلك فتنة لقوم واستبصارا لقوم منهم أبو بكر الصديق رضى الله عنه.
ويقال إنما سمى الصديق ذلك الوقت فإن قال قائل لم يذكر في القرآن لعن هذه الشجرة قال أبو جعفر ففي ذلك جوابان أحدهما أنه لقد لعن آكلوها والجواب الآخر أن العرب تقول لك طعام ضار مكروه ملعون.
74- وقوله جل وعز: {قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي} أي فضلت وفي الكلام حذف والمعنى أرأيتك هذا الذي فضلت علي لم فضلته وقد خلقتني من نار وخلقته من طين ثم حذف هذا لعلم السامع.
75- ثم قال جل وعز: {لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا} قال أبو جعفر أكثر أهل اللغة على أن المعنى لأستولين عليهم ولأستأصلنهم من قولهم احتنك الجراد الزرع إذا ذهب به كله وقيل هو من قولهم حنك الدابة يحنكها به إذا ربط حبلا في حنكها الأسفل وساقها حكى ذلك ابن السكيت وحكى أيضا احتنك دابته مثل حنك فيكون المعنى لأسوقنهم كيف شئت.
76- ثم قال جل وعز: {قال اذهب فمن تعك هذا منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا} موفور وموفر ثم واحد يقال وفرته ووفرته كما قال الشاعر:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه ** يفره ومن لا يتقي الشتم يشتم

77- ثم قال جل وعز: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} أي استخف قال مجاهد بصوتك بالغناء والمزامير.
78- ثم قال جل وعز: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} وركهم رسول في الأموال والأولاد روى سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال كل خيل سارت في معصية الله وكل رجل مشت في معصية الله وكل مال أصيب من حرام وكل ولد غية فهو للشيطان وقال غيره مشاركته في الأموال هي السائبة والبحيرة وفي الأولاد قولهم عبد العزى وعبد الحارث وقرأ قتادة وأجلب عليهم بخيلك ورجالك.
79- ثم قال جل وعز: {وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} هذا أمر فيه معنى التهدد والوعيد كما قال تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
80- وقوله جل وعز: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} قيل أي خلصائي كما قال تعالى: {فادخلي في عبادي}.
81- ثم قال جل وعز: {وكفى بربك وكيلا} أي منجيا لخلصائه ولا من الشيطان والفراء يذهب إلى أن معنى وكيلا كاف وكذا قال في قوله جل وعز ألا تتخذوا من دوني وكيلا.
82- ثم قال جل وعز: {ربكم الذي يزجي لكم الفلك} أي يسوق.
83- وقوله جل وعز: {أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا} الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء وهي الحصى الصغار.
84- وقوله جل وعز: {أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح} قال ابن عباس هي التي تغرق قال أبو جعفر يقال قصفه لم إذا كسره كأنها من شدتها تكسر الشجر.
85- وقوله جل وعز: {فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا} قال مجاهد ثائرا قال أبو جعفر وهو من الثأر وكذلك يقال لكل من طلب بثأر أو غيره تبيع وتابع ومنه قوله تعالى: {فاتباع بالمعروف} أي مطالبة.
86- وقوله جل وعز: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} قال عبد الله بن عباس فضلوا بأنهم يأكلون بأيديهم والبهاثم حدثنا تأكل بأفواهها وقال غيره فضلوا بالفهم والتمييز وبما سخر لهم.
87- ثم قال جل وعز: {يوم ندعو كل أناس بإمامهم} روى عن ابن عباس أي بنبيهم وقال الحسن والضحاك بكتابهم قال أبو جعفر ويدل على هذا قوله بعد فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا الفتيل الذي يكون في شق النواة والنقير النقرة التي فيها والقطمير الفوقة التي تكون على النواة أي لا يظلمون مقدار هذا الحقير.
88- ثم قال جل وعز: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} قال عكرمة قال رجل لعبد الله بن عباس كيف يكون في الآخرة أعمى فقال له أخطأت التأويل ألا ترى أنه جل وعز عدد النعم ثم قال ومن كان في هذه أعمى أي من عمي عن هذه النعم التي يراها وتدله على قدرة الله فهو فيما لم يره من أمر الآخرة أعمى وكذلك قال قتادة وقال غيره ومن كان في الدنيا أعمى وقد فسح الله له في العمر ووعده قبول التوبة ودعاه إلى الطاعة فلم يجب وعمى عن ذلك فهو في الآخرة إذا كان لا تقبل منه توبة ولا إنابة أعمى وأضل سبيلا.
89- ثم قال جل وعز: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} المعنى كادوا يفتنونك لأن إن واللام تدل على التوكيد ويروي أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونستمع منك فهم النبي بذلك ميلا منه إلى أن يؤمنوا فعصم صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تبارك وتعالى وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك إلى قوله إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات قال مالك بن دينار سألت جابر بن زيد عن قوله إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات فقال إذا لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات قال أبو جعفر وكذلك معناه عند أهل اللغة وخوطب بهذا النبي صلى الله عليه وسلم لأن الثواب به جزل كما قال تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} ولمشاهدة الأنبياء والملائكة والآيات العظام كان في ذلك الخطاب من الفائدة أنه علم به أن هذا حكم الله فيمن عصاه من الأنبياء فكيف غيرهم.
90- ثم قال جل وعز: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها} قيل المعنى يستفزونك بالقتل قال عوف عن الحسن هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وأراد الله بقاء أهل مكة فأمره ان يخرج منها مهاجرا إلى المدينة فخرج بأمر الله ولو أخرجوه لهلكوا كما قال سبحانه وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا قال أهل التفسير خلافك أي بعدك وحكى عن العرب جاء فلان خلف فلان وخلافة أي بعده وقد يجيء خلاف بمعنى مخالفة.
91- وقوله جل وعز: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} روى سفيان عن أبى اسحاق عن الأسود عن عبد الله قال دلوكها غروبها وروى سفيان عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس لدلوك الشمس لغروبها وروى الشعبي عن ابن عباس دلوكها زوالها وروى الزهري عن سالم عن ابن عمر دلوك الشمس بعد نصف النهار وهو وقت الظهر وروى مالك والليث عن نافع عن ابن عمر قال دلوك الشمس زوالها.
وكذلك روي عن جعفر بن محمد رحمة الله عليه قال أبو جعفر الدلوك في اللغة الميل فهي تميل عند الزوال وعند الغروب إلا أن الزوال في هذا أكثر على ألسن الناس ويدل عليه أن بعده إلى غسق الليل فيدخل فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبعده وقرآن الفجر فلا يمتنع أن يكون غسق الليل أوله وذلك عند غروب الشمس قال ذلك أبو هريرة وهو يقوي قول من قال الدلوك ميلها للزوال قال ابن عباس: غسق الليل اجتماع الليل وظلمته وقال قتادة أوله.
92- ثم قال جل وعز: {وقرآن الفجر} فسمى الصلاة قرآنا لأنها لا تكون إلا بالقرآن.
93- ثم قال جل وعز: {إن قرآن الفجر كان مشهودا} روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الفجر تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار واقرءوا إن شئتم وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا.
94- وقوله عز وجل: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} قال علقمة والأسود التهجد بعد النوم قال أبو جعفر التهجد عند أهل اللغة التيقظ والسهر والهجود النوم يقال تهجد إذا سهر وهجد إذا نام يروى عن مجاهد أن هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خصيصا وأن معنى نافلة لك للنبي خاص لأنه قد غفر له ذنوبه فهي ناقلة من أجل أنه لا يعملها في كفارة الذنوب والناس يعملون ما سوى المكتوبات لكفارات الذنوب وقال غيره نافلة لك أي ليست بفرض لأن النفل كل ما لا يجب فعله والنافلة في اللغة الزيادة.
95- ثم قال جل وعز: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} روى داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال كل عسى واجبة قال أبو عبيدة يعني في القرآن.
96- وقوله جل وعز: {وقل رب ادخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} قال الحسن وقتادة هو دخول المدينة وخروجه من مكة وقال الضحاك هو خروجه من مكة ودخوله مكة يوم الفتح آمنا وقال مجاهد هو دخوله في الرسالة وأمر الله جل وعز.
97- ثم قال جل وعز: {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} قال الشعبي وعكرمة أي حجة ثابتة وقال مجاهد أي حجة وذهب الحسن إلى أنه العز والنصر وإظهار دينه على الدين كله.
98- وقوله جل وعز: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} روى معمر عن قتادة قال الحق القرآن والباطل الشيطان قال وزهق هلك.
99- وقوله جل وعز: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} ليست من ها هنا للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس والمعنى وننزل ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ثم بين فقال من القرآن كما قال سبحانه فاجتنبوا الرجس من الأوثان.
100- وقوله جل وعز: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه} قال مجاهد أي تباعد منا وقرأ يزيد بن القعقاع: {وناء بجانبه} الهمزة مؤخرة واللغة الأولى أعرف وهذا على قلب الهمزة.
101- ثم قال جل وعز: {وإذا مسه الشر كان يؤوسا} روى سعيد عن قتادة قال يئس قنط.
102- وقوله جل وعز: {قل كل يعمل على شاكلته} قال الحسن على نيته وقال مجاهد أي على حدته وعلى طبيعته وقال الضحاك على ناحيته وهذا يرجع إلى قول الحسن ومجاهد وحقيقة المعنى والله أعلم كل يعمل على النحو الذي جرت به عادته وطبعة والمعنى وليس ينبغي أن يكون كذلك إنما ينبغي أن يتبع الحق حيث كان وقد ظهرت البراهين وتبين الحق قال أبو جعفر وهذا يرجع إلى قول الحسن.
103- وقوله جل وعز: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} روي عن عبد الله بن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسألته اليهود عن الروح فسكت فحسبت أنه يوحى إليه فتنحيت فأنزل عليه: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} يعني اليهود فقالوا نجد مثله في التوراة قل الروح من أمر ربي قال أبو جعفر وقد تكلم العلماء في الروح فروى عطاء عن ابن عباس قال الروح ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة وقال أبو صالح الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا بني آدم لهم أيد وأرجل وقيل الروح جبريل عليه السلام واحتج صاحب هذا القول بقوله سبحانه نزل به الروح الأمين قال محمد بن إسحق وزعموا أنه ناداهم يعني النبي صلى الله عليه وسلم الروح جبريل وكذا روى عن ابن عباس والحسن قال ابن عباس وجبريل قائم بين يدي الله جل ثناؤه يوم القيامة وقيل هو عيسى صلى الله عليه وسلم أي هو من أمر الله وليس كما يقول النصارى وقيل الروح القرآن لقوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} والله أعلم بما أراد غير أنه قد أخبرنا أنه من أمر الله له جل وعز فإن قال قائل كيف قيل لليهود وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقد أوتوا التوراة فالجواب أن قليلا وكثيرا إنما يعرفان بالإضافة إلى غيرهما فإذا أضيفت التوارة إلى علم الله جل وعز كانت قليلا من كثير ألا ترى إلى قوله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا}.
104- وقوله جل وعز: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} أي لو شئنا لأذهبناه قوله من الصدور والكتب ثم لا تجد لك به علينا وكيلا أي من يتوكل في رده قال الحسن أي يمنعك منا إذا أردناك.
105- ثم قال جل وعز: {إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا} وهذا استثناء ليس من الأول أي لكن الله ثبته رحمة منه وتفضلا.
106- وقوله جل وعز: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} قال الحسن أي معينا.
107- وقوله جل وعز: {ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل} أي وجهنا القول بكل مثل وهو من قوله صرفت اليك كذا أي عدلت به اليك.
108- ثم أخبر الله أنهم لما عجزوا أن يأتوا بمثله وانقطعت حجتهم اقترحوا الآيات فقال جل وعز: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} وقد أراهم الله من الآيات ما هو أكثر من هذا من انشقاق القمر وغير ذلك وقال مجاهد ينبوع عيون قال أبو جعفر وهو عند أهل اللغة من نبع ينبع وينبع ومنه سمى مال علي بن أبي طالب رضى الله عنه ينبع.
109- وقوله جل وعز: {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا} روى معمر عن قتادة قال كسفا قطعا وحكى الفراء أنه سمع أعرابيا يقول أعطني كسفه من هذا الثوب أي قطعة ويقرأ كسفا والمعنى على هذه القراءة للسماء كلها أي طبقا واشتقاقه من كسفت الشيء أي غطيته.